29 - 06 - 2024

نبضة | زيارة بالأمر لمملكة بلقيس

نبضة | زيارة بالأمر لمملكة بلقيس

بعد مرورأكثر من 50 عاما على حرب اليمن صدر عن دار مدبولى كتاب "زيارة بالأمر لمملكة بلقيس "مصر وثورة اليمن (1962-1967)

أهمية الكتاب تأتى من  شخصية المؤلف وهو اللواء دكتور محمد فريد حجاج القائد العسكرى الذى شارك فى عمليات اليمن ،وحرب الإستنزاف وحرب 1973،وتأتى أيضا أهميته من الظرف التاريخى والحدث السياسى الذى تمر به اليمن الآن والمنطقة العربية .

كان لى شرف اللقاء بمؤلف الكتاب الذى وصف مشاركة مصر فى حرب اليمن بأنه قرار عسكرى خاطئ مزق الجيش المصرى ،واستهلك المعدات، وخرب الإقتصاد ،وخلق عداوة مع المملكة العربية السعودية .

تجربة مريرة لم يكن لها ضرورة فقدت مصر فيها  20ألف مجند وضابط.

هذه التجربة المريرة كما وصفها اللواء حجاج كانت موضوع الكتاب الذى قدم له الكاتب الصحفى الراحل أنيس منصور الذى زار اليمن ضمن مجموعة من الكتاب والأدباء ، ويحكى فى المقدمة كيف إنه لم تكن هناك أية معلومات عن اليمن قبل التدخل العسكرى وحكى –وماأدراك بحكى أنيس منصور-عما شاهده فى اليمن والمخاطر الصحية- وسرد الظرف الذى إلتقى فيه بمؤلف الكتاب ،فى طريق عودته من اليمن على متن باخرة

ويقول: بينما كنا نأكل أنا والمرافقين لي مالذ وطاب من صوانى وديوك الرومى وفواكه، ونتسامربالشعر والنكت مع صالح جودت ومحمود حسن إسماعيل، وسط الضحكات والفرحة بالعودة سالمين لمحنا عددا من الجنود والضباط عائدين يغسلون ملابسهم ويأكلون ويشربون ما لانأكل وما لانشرب، دعوناهم للأكل معنا وكانت الصدمة التى تلقيناها جميعا عندما تحدث النقيب محمد فريد حجاج وشرح لنا الأوضاع السياسية والعسكرية فى اليمن واحتمالات النجاح والفشل ،وكانت لديه القدرة على سرد التاريخ وتحليل الأحداث ،لقد ضربنا على أدمغنا وجعلنا نفيق ونقول فى صوت واحد "يانهار أسود" إن هذا الضابط قد فضحنا أمام أنفسنا، فلانحن عندنا معلومات ذهابا وإيابا ، ولانحن قادرون على أن نقول شيئا أو ننصح بشئ فالصورة عنده غير الصورة عندنا، هو ضابط حارب ومارس ورأى وقاتل وقتل .

ومن هنا أهمية الكتاب  الذى  ألفه  ضابط حارب ومارس وقاتل وقتل ، والذى يؤرخ لفترة هامة ولحدث كان ولازال محل جدل،  ما الذى يدفع  جيشا نظاميا للتورط فى حرب غير متكافئة ، جيش نظامى يحارب عصابات تمتلك أسلحة والظروف الجغرافية منحتها كهوفا وجبالا تستخدمها فى المناورات وهذه العصابات هى الأدرى بالطبيعة الجغرافية لبلادها فكانت الجغرافيا مع العصابات ضد الجيش النظامى الذى يحارب على أرض لايعرفها على الأقل جغرافيا..والمقاتل اليمنى كان يستطيع أن يستمر لأيام يعيش على التمر فقط .

لم تدفع مصر بجنودها فقط وإنما بأموالها فشيوخ القبائل لا يقبلون إلا "الظلط "وهو العملة اليمنية ريالات من الفضة ، لتوفير ذلك حولت مصر ملايين من الجنيهات الذهب عبر البنك الأهلى مما أثر على قيمة الجنية المصرى.

يتحدث المؤلف فى مقدمة الكتاب عن اليمن تاريخا وحضارة وعن طبيعة الإنسان اليمنى، وعن أهمية اليمن الجغرافية فهى نقطة الالتقاء بين الشعب العربى والشعوب الأسيوية والافريقية عند باب المندب حيث يلتقى البحر الأحمر بالمحيط الهندى .

واليمن ركن رئيسى من أركان أمن  البحر الأحمر وأمن  مصر القومى.

ويرى المؤلف أن مصر قريبة دائما من اليمن وذلك بشواهد من التاريخ، حيث ذهبت السفن المصرية لإحضار البخور للمعابد  فى الأسرة السادسة ، كما دخلت المسيحية اليمن عن طريق الحبشة على مذهب القبطية الأرثوذكية المصرية ، وفى العصور الوسطى إرتبطت بروابط وصلات كثيرة مع الفاطميين والأيوبيين والمماليك بمصر ، وفى العصر الحديث خلال حكم "محمد على باشا" حارب الجيش المصرى فى اليمن فى أعوام 1832م،1840م بقيادة "إبراهيم يكن باشا" وحارب فى الفترة من 1864-1865م بقيادة "إسماعيل صادق بك"، وعندما قامت الثورة المصرية 1952م فرضت نفسها على الأمة العربية كلها ،وكانت بداية تعاملها مع اليمن عندما طلب الإمام "أحمد" بعثة عسكرية مصرية أقامت علاقات ودية مع اليمنيين وأنشأت الكلية الحربية باليمن ،ودخل الكلية الحربية المصرية أول بعثة عسكرية يمنية تخرجت عام 1955م،وإنضمت اليمن إلى مصر وسوريا فى إتحاد مشترك ،وعقب إنفصال الوحدة المصرية السورية 1961م هاجم إمام اليمن مصر والإشتراكية فى قصيدة شعرية ، فأعلن عبد الناصر 23ديسمبر عام  1961حل الإتحاد مع اليمن، وأصبحت مصر منذ ذلك التاريخ مركز تجميع المقاومة من العسكريين والمدنيين اليمنيين ضد حكم الائمة، وحدث التواصل بين العسكريين المصريين والثوار اليمنيين ،وفى 6سبتمبر 1962أعلن راديو صنعاء قيام الجمهورية اليمنية وإنتهاء عهد أسرة حميد الدين ،وكانت مصر أول دولة تعترف بالنظام الجديد وفى اليوم الثالث للثورة وصلت أول طائرة مصرية إلى اليمن تحمل بعض القادة اليمنيين ومعها فريق صغير من الضباط المصريين لدعم الإتصال بين قادة الثورة والقيادة المصرية ، مع إرسال أسلحة خفيفة وأجهزة لاسلكى، وبعدها أرسلت مصر سرية صاعقة من 100 فرد إلى اليمن وتوالى التدخل والمساندة العسكرية مع إصرار عبد الناصر على إنجاح ثورة اليمن.

الكتاب الذى يؤرخ للفترة من 1962وحتى 1967يتكون من أربعة أبواب تناول الأول جغرافية اليمن وتاريخ الثورات اليمنية ،والباب الثانى تناول كيفية إتخاذ القرار للتدخل العسكرى فى اليمن ومراحل التدخل واثار هذا التدخل على مصر ، والباب الثالث تناول الصراع السياسى العسكرى فى تلك الفترة الزمنية بين مصر والقوى الإقليمية وعلى رأسها السعودية والقوى الدولية متمثلة فى الولايات المتحدة وبريطانيا والإتحاد السوفيتى

والباب الرابع تناول الأوضاع من داخل اليمن من خلال مجموعة من المحاربيين القدماء تحدثوا عن فترة تواجدهم فى اليمن،مع مقابلة مع د. محسن العينى –رئيس وزراء اليمن السابق أوضح فيها النقاط الغامضة فى سير الاحداث من وجهة النظر اليمنية فى سير الأحداث

كتاب "زيارة بالأمر لمملكة سبأ" كتاب يستحق القراءة .

[email protected]

##

 

مقالات اخرى للكاتب

السفير موطلو شن :قطاع النسيج بات وجهة رئيسية للاستثمارات التركية في مصر





اعلان